مسيرة نجاح مايكل دِل، مؤسس شركة دِل
19 مارس 2008
وعمره 13 سنة اتخذ بيت والديه مقراً لنشاط تبادل طوابع البريد عبر الطلبات البريدية، فحقق في بضعة شهور أرباحاً قاربت الألفي دولار، وعمره 15 سنة قام بتفكيك حاسوبه الجديد: أبل2، إلى قطع صغيرة متناثرة، ثم أعاد تجميعه مرة أخرى ليرى إن كان يستطيع ذلك، وعمره 16 سنة احترف بيع اشتراكات الجرائد اعتماداً على قوائم المتزوجين حديثاً فحصد ربحاً فاق 18 ألف دولار فتمكن من شراء سيارته الأولى: بي إم دبليو وعمره 18 سنة.
في عام 1984، التحق مايكل سول دِل (مواليد 23 فبراير 1965) بجامعة تكساس في مدينة أوستن الأمريكية، وانطلاقًا من غرفة نومه في مهجع طلاب جامعته، أسس شركته بي سيز المحدودة لبيع أجهزة الكمبيوتر المتوافقة مع أجهزة آي بي إم والتي كان يقوم بتجميعها بنفسه. الشركة الوليدة جاء رأس مالها في صورة قرض اقترضه المقاول الصغير من جديه، وكان باكورة زبائنه زملاء الدراسة في الجامعة الحالمون بامتلاك حاسوب يناسب ميزانياتهم المحدودة.
المبدأ الذي اعتمد عليه مايكل دِل في بدايته أنه إذا باع مباشرة للجمهور فسيعرف متطلباتهم ويكون قادراً على تلبيتها بشكل سريع، وهو بذلك يكون قد أخرج الوسطاء من المعادلة، فهو وجد أن مكونات الحواسيب الجاهزة بالإمكان الحصول عليها وحدها بأسعار أقل، ومن ثم يقوم هو بتجميعها وحصد فرق السعر لنفسه. بنى مايكل فلسفته على تقديم خدمة أفضل للجمهور بسعر أقل. عند بدايته، وضع مايكل دِل لنفسه هدفًا واضحًا: هزيمة شركة آي بي إم.
في عام 1985 تمكنت شركته من تقديم أول جهاز كمبيوتر شخصي من تصميمها سمته تيربو بي سي، والذي اعتمد على معالج إنتل 8088 وبسرعة 8 ميجا هرتز. ركزت دعايات هذا الجهاز الجديد في المجلات المهتمة بالحواسيب على مبدأ البيع المباشر إلى الجمهور (دون وسطاء) وعلى إمكانية تجميع الأجهزة وفقاً لما يريده كل مستخدم، حسب مجموعة من الخيارات المتوفرة. هذا العرض قدم للمستخدمين أسعار بيع أرخص من السوق، لكن مع مصداقية أكبر مما لو كان كل مستخدم قام بتجميع جهازه بنفسه. رغم أنها لم تكن الشركة الأولى في تطبيق هذه الفكرة التسويقية، لكن شركة بي سيز المحدودة كانت أول من نجح في تطبيقها. هذا النجاح دفع مايكل دِل لأن يترك دراسته ليركز على إدارة عمله الجديد بدوام كامل، إذ أن شركته حققت أرباحاً إجمالية فاقت 6 مليون دولار أمريكي في سنتها الأولى. في عام 1987 افتتح مايكل فرع شركته في العاصمة الإنجليزية لندن. في عام 1988 حول مايكل اسم شركته إلى “شركة حواسيب دِل“.
في عام 1992 ضمت مجلة فورتشن الأمريكية شركة دِل إلى قائمتها لأكبر 500 شركة، ، وفي عام 1996 بدات دِل بيع منتجاتها عبر موقع متجرها الإلكتروني على الشبكة البينية إنترنت، وفي عام 1999 تخطت شركة دِل منافستها كومباك في التصنيف لتصبح البائع الأكبر للحواسيب في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 2003 وافق مساهمو الشركة على تغيير اسمها إلى مؤسسة دِل (دِل إنكوربريشن) لتسهيل دخول الشركة في مجال بيع منتجات أخرى غير الحواسيب. في شهر مارس من عام 2004 بدأت دِل دخول عالم الوسائط المتعددة بتعاملها في الكاميرات الرقمية والحواسيب الكفية ومشغلات الموسيقى وأجهزة التليفزيون ذات الشاشات المسطحة وغيرها. شهد هذا الشهر أيضًا، تنحي مايكل دِل عن منصبه كمدير لشركته واكتفى بعضوية مجلس الإدارة، مفسحاً الطريق لخليفته كيفين رولنز لتولي هذا المنصب ومتابعة المسيرة.
مايكل دِل ينتمي للطائفة اليهودية، وهو من كبار ممولي مواطنه الرئيس الأمريكي جورج بوش في كلتا حملتيه الانتخابيتين. في عام 2005 جاء ترتيب مايكل دِل رابع أغنى رجل في الولايات المتحدة الأمريكية، بثروة تقارب 18 مليار دولار، ما يجعل ترتيبه الثامن عشر كأغنى رجل في العالم. لا زال مايكل يقطن أوستن الأمريكية في ولاية تكساس مع زوجته سوزان وأولاده الأربع، وأما شركته التي بدأها فعوائدها الإجمالية تفوق 40 مليار دولار سنوياً، وتوظف أكثر من 40 ألف موظف، ولها فروع في أكثر من 170 بلداً، وتبيع كل يوم منتجات بأكثر من 30 مليون دولار، وتبيع حاسوباً من إجمالي كل ثلاثة حواسيب مباعة في السوق الأمريكية، وقرابة واحدًا من كل خمسة مباعة في العالم، كل هذا في خلال 17 عاماً منذ تأسيسها.
ألف مايكل دِل كتاباً سماه: مباشرة من دِل: استراتيجيات أحدثت ثورة في الصناعة أو Direct from Dell: Strategies That Revolutionized an Industry وهو تناول فيه قصة نجاحه وفلسفة نشاطه التجاري الذي بدأه.
لم تمضي مسيرة الشركة دون عقبات وأزمات، ففي حقبة التسعينات اشتعلت النار في حواسيب دِل النقالة بسبب أعطال فنية، وفي عام 2001 اضطرت الشركة لخفض العمالة لتتعافي من تراجع المبيعات، على أن اشهر زلة لسان لمايكل دِل حدثت في عام 1997 عندما سأله سائل في ملتقى فني ضم آلاف الحضور، ما الذي كان ليفعله ليعالج جميع أزمات شركة أبل التي كانت تعاني من مشاكل طاحنة كادت تضع نهاية لها وقتها، فأجاب مايكل قائلاً: “كنت لأغلق الشركة وأعيد المال إلى المساهمين!”. لم ينسى مدير أبل ستيف جوبز هذه المقولة، إذ قال في رسالة بريدية في شهر يناير من عام 2006 إلى موظفي الشركة أن على مايكل دِل أن يبتلع كلاماته ويسحبها، فاليوم السعر السوقي لشركة أبل يفوق دِل، ومبيعات أبل وأرباحها أكبر من تلك لدِل. على أن مايكل دِل يبقى صاحب الكلمة الأخيرة، فهو لا زال أغني من ستيف جوبز!
في الأول من فبراير 2007، وفي خبر دراماتيكي، عاد مايكل دل إلى مقعد الرئاسة، ليقود شركته مرة أخرى، بعدما تتالت الاخفاقات والعثرات وتوالت تقارير الخسائر.